شرح خطبه اول نماز جمعه مورخ 4 بهمن 98

بسم الله الرحمن الرحيم

أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاکْفِنِي مَا يَشْغَلُنِي الاهْتِمَامُ بِهِ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِمَا تَسْأَلُنِي غَداً عَنْهُ...

عباد الله اوصيکم و نفسي بتقوئ الله

کان کلامنا في الاسبوع الماضي حول شرح هذه الفقرة وَاسْتَعْمِلْنِي بِمَا تَسْأَلُنِي غَداً عَنْهُ و قلنا نسئل يوم القيامة عن اشياء کما في رواية عن النبي صلي الله عليه و اله :«يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاه وَ عَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ کَسَبَهُ وَ فِيمَا أَنْفَقَهُ وَ عَنْ حُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ» ففي ذلک اليوم يطبق قانون (من أين لک هذا) بصورة دقيقة ومتقنة.

ومن اهم الاشياء التي نسئل ما بعد الموت و لاسيماء يوم القيامة عن محبة و ولاية اهل البيت (عليهم السلام) کما في روايات و احاديث کثيرة صدرت عنهم (عليهم افضل الصلاة و السلام) کما في مناظرة الإمام الصادق(عليه السلام) مع أبي حنيفة

قال الإمام الصادق عليه السلام لأبي حنيفة: وقد بلغني أنّک تفسر آية في کتاب الله، وهي : ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)، أنّه الطعام الطيّب، والماء البارد في اليوم الصائف قلت : نعم.

قال عليه السلام له : دعاک رجل وأطعمک طعاماً طيّباً، وأسقاک ماءً بارداً، ثم امتنّ عليک به ما کنت تنسبه إليه ؟

قلت : إلى البخل .قال عليه السلام : أفيبخل الله تعالى ؟قلت : فما هو ؟قال عليه السلام : حبّنا أهل البيت.

و کذلک عن الاَصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه السلام إنه قال : ( ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النعيم )، نحن النعيم، وأيضاً مُسنداً عن أبي خالد الکابلي قال : دخلت على محمد بن علي عليه السلام فقدم لي طعاماً لم أکل أطيب منه، فقال لي : يا أبا خالد کيف رأيت طعامنا ؟ فقلت : جُعلت فداک ما أطيبه غير أني ذکرت آية في کتاب الله فنغَّصَتنيه قال : وما هي ؟ قلت : ( ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النعيم )، فقال : والله لا تسأل عن هذا الطَّعام أبداً، ثم ضحک حتى افترَّ ضاحکتاه وبدت أضراسه وقال : أتدري ما النَّعيم ؟ قلت : لا ؟ قال : نحن النعيم الذي تسئلون عنه.

وفي تفسير القمي لاَبي الحسن علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) أي عن الولاية، والدليل على ذلک قوله : ( وقفوهم إنَّهم مسؤلون ) قال : عن الولاية.

و کذلک و في عيون الأخبار، بإسناده إلى إبراهيم بن عبّاس الصّوليّ الکاتب قال: کنّا يوما بين يدي عليّ بن موسى الرّضا - عليه السّلام - فقال [لي] : ليس في الدّنيا نعيم حقيقيّ. فقال له بعض الفقهاء ممّن يحضره: فيقول اللّه: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ أما هذا النّعيم في الدّنيا و هو الماء البارد؟ فقال له الرّضا - عليه السّلام - و علا صوته: کذا فسّرتموه أنتم و جعلتموه على ضروب شتى فقال طائفة: هو الماء البارد. و قال غيرهم: هو الطّعام الطّيّب. و قال آخرون: هو طيب النوم. [قال الرضا - عليه السّلام-] : و لقد حدّثني أبي، عن أبيه، أبي عبد اللّه - عليه السّلام: - أنّ أقوالکم هذه ذکرت عنده في قوله: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ فغضب و قال: إنّ اللّه لا يسأل عباده عمّا تفضّل عليهم به، و لا يمنّ بذلک عليهم. و الامتنان بالإنعام مستقبح من المخلوقين، فکيف يضاف إلى الخالق ما لا يرضى المخلوقون به؟! و لکنّ النّعيم حبّنا، أهل البيت و موالاتنا، يسأل اللّه عنه بعد التّوحيد و النّبوّة، لأنّ العبد إذا وفي بذلک أدّاه إلى نعيم الجنّة الّذي لا يزول. و لقد حدّثني بذلک أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين - عليه السّلام- أنّه قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه و آله-: [يا علي! إنّ] أوّل ما يسال عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه - صلّى اللّه عليه و آله - و أنّک وليّ المؤمنين بما جعله اللّه و جعلته لک. فمن أقرّ بذلک و کان معتقده، صار إلى النّعيم الّذي لا زوال له.

ويسأل من الاعداء عن السبب في معاداتهم لهذه النعمة الالهية،فلا يسأل يوم القيامة عن الطعام الا ما کان اسرافا وتبذيرا أو اکتسبه من حرام أو أنفقه في حرام.

و کما اشرنا سابقاً في صفات المصلين انّ أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة هو الصلاة کما ورد في بحار الانوار :(أوّل ما يحاسب به العبد الصلاة فان قبلت قُبِل ما سواها ...)