بسم الله الرحمن الرحیم
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ کَمَا شَرَّفْتَنَا بِهِ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ کَمَا أَوْجَبْتَ لَنَا الْحَقَّ عَلَى الْخَلْقِ بِسَبَبِهِ.
الموضوع: حقوق اهل البیت (علیهم السلام) علی الخلق
إنّ للائمة المعصومين (عليهم السلام) هداة البشرية نحو الصلاح حقوقاً على الناس وتمثل هذه الحقوق السبيل الأنجع للارتباط بهم (عليهم السلام) وفيما يعد الإعراض عنها ابتعادا وانفصالاً عنهم (عليهم السلام). فحقوق الأئمة على الناس هي اکبر بکثير من حقوق الوالدين والمعلمين لا بل تتعداها بمراتب متضاعفة لأن في اتباع أوامرهم وإرشاداتهم السبيل إلى الصلاح والسعادة. کما أن المعصومين (عليهم السلام) اکبر معلمي البشرية ومصداقا تاما وکاملا لأهل الإيمان.
الحق الأوّل:المحبّة والمودة
يقول تعالى في القرآن الکريم مخاطباً رسوله الأکرم (صلى الله عليه وآله وسلم).
قُلْ لَا أَسْأَلُکُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى
فمن البديهي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما يأمر رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يطلب من الأمة الإسلامية أن تحب قرابته، إذاً فستصبح هذه المحبة والمودة حقا على الأمة الإسلامية وذلک کما ورد في رواية عن الإمام علي (عليه السلام) حيث يقول فيها:
عليکم بحب آل نبيکم فإنه حقّ الله عليکم والموجب على الله حقکم ألا ترون إلى قول الله: " قُلْ لَا أَسْأَلُکُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى
الحق الثاني: الولاية والإمامة
لقد خلق الله الإنسان وأنشأه وتولاه في جميع الأمور الفردية والاجتماعية. فهو لم يترک الإنسان لحاله، بل جعل رسوله ولياً على الناس وذلک بما يمثله من خلافة لله في الأرض. وتستمر هذه الولاية إلى نهاية الدهر في نسله. إذاً فالأئمة المعصومون يمثلون مقام الولي بالنسبة للبشرية، قال تعالى في القرآن الکريم: إِنَّمَا وَلِيُّکُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا..."
وقد أورد الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسيره لکلمة "والذين آمنوا... يعني عليا وأولاده الأئمة (عليهم السلام) إلى يوم القيامة"
إذاً ينبغي على المسلمين أن يرتضوهم کزعماء وأئمة، وهو الحق الذي إن أداه المرء سمي شيعياً؛ هذا رغم أنّ الشيعي الأصيل هو من أدّى جميع حقوق المعصومين (عليهم السلام) ولم يقصّر عن حق من تلک الحقوق. قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
لنا على الناس حقّ الطاعة والولاية، ولهم من الله سبحانه حسن الجزاء.
الحق الثالث: التبعية والطاعة
يمثل المعصومون (عليهم السلام) الأئمة للأمة ولا سبيل لأداء حق إمامتهم بشکل سليم إلّا بإطاعة أوامرهم واتباع ما يطلبونه من الأمة. فحينما ينصب الله إماماً على الناس ستکون طاعته طاعة لله تعالى کما أنّ التخلف والإعراض عن أوامره سيکون عصيانا لأمر الله تعالى فقد ورد عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام). "من أطاع إمامه فقد أطاع ربه".
إن من يقبل بولاية المعصومين (عليهم السلام) وزعامتهم، ولکنه يعرض عن العمل بأوامرهم، لا يعدّ شيعياً أصيلاً؛ هذا رغم أنّه يختلف ومن أنکروا ولايتهم (عليهم السلام). فالشيعي الأصيل إذاً هو من أطاع أوامر إمامه فقد مرّ أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: "لنا على الناس حقّ الطاعة والولاية..."
أنّ هذا المقام لا يمکن أن يرعى من قبل الناس إلّا إذا کانوا مطيعين لإمامهم (عليهم السلام). وقد سئل الإمام الباقر (عليه السلام) عن حق الإمام على الناس فأجاب (عليه السلام): حقّه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا
وقد ورد الأمر بأداء هذا الحق بشکل بيّن وواضح في قوله تعإلی:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْکُمْ"
وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : "عليکم بطاعة أئمتکم فإنهم الشهداء عليکم اليوم، والشفعاء لکم عند الله غداً"
الحق الرابع:زيارة مشاهدهم:
ومن حقوقهم على مواليهم وشيعتهم، زيارة مشاهدهم المشرفة، والتسليم عليهم. فانها من مظاهر الحب والولاء، ومصاديق الوفاء والاخلاص فهم سيّان، أحياءاً وأمواتاً.
قال الشيخ المفيد أعلى اللّه مقامه: "ان رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من عترته خاصة، لا يخفى عليهم بعد الوفاة أحوال شيعتهم في دار الدنيا، باعلام اللّه تعالى لهم ذلک حالاً بعد حال، ويسمعون کلام المناجي لهم في مشاهدهم المکرمة العظام، بلطيفة من لطائف اللّه تعالى، بيّنهم بها من جمهور العباد، وتبلغهم المناجاة من بُعد، کما جاءت به الرواية، وهذا مذهب فقهاء الامامية کافة...
وقد قال اللّه تعالى فيما يدل على جملته: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: من سلّم عليّ عند قبري سمعته ومن سلّم علي من بعيد بلغته. سلام اللّه عليهم ورحمته وبرکاته.
وقد تواترت نصوص أهل البيت عليهم السلام، في فضل زيارة مشاهدهم، وما تشتمل عليه من الخصائص الجليلة، والثواب الجم.
فعن الوشا، قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: "إن لکل امام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وان من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه، کان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة"
الحق الخامس: الصلاة على النبي والسلام عليه وآله المعصومين (عليهم السلام)
لقد أمر الله المؤمنين بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) والسلام عليهم. يقول الإمام الرضا (عليه السلام):
وأکثروا من الصلوات على محمد وآله (عليهم السلام) والدعاء للمؤمنين والمؤمنات في آناء الليل والنهار فإن الصلاة على محمد وآله أفضل أعمال البر.
فالصلاة على النبي والسلام عليه وآله المعصومين (عليهم السلام) هو من جملة الحقوق على المؤمنين قال تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِکَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
فحينما يذکر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتلفظ باسمه، فالحق أن يسلّم ويصلى عليه فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): إذا ذکر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأکثروا الصلاة عليه
فالصلوات حقّ للنبي وآله، ومن أعرض عن ذلک کان کالبخيل الذي يبخل عن إعطاء الحق لصاحبه.
وفی الحدیث المروی عن علی بن الحسین (علیه السّلام) قال: (قال رسول الله صلّى الله علیه وآله): إنّ البخیل کلّ البخیل الذی إذا ذُکرت عنده لم یصلِ علیَّ (صلّى الله علیه وآله(
ولیعلم أنّ المراد بالصلاه على محمّد الصلاه على محمّد وعلى آله، أمّا الصلاه على محمّد وحده، فلا تجوز فإنّها الصلاه البتراء، وهی منهی عنها بالحدیث المشهور المروی عن النبیّ (صلّى الله علیه وآله)، حیث قال: (لا تصلّوا علیَّ الصلاه البتراء)، ولما رواه أبان بن تغلب عن الإمام الباقر، عن آبائه علیهم جمیعاً السلام، قال: (قال رسول الله (صلّى الله علیه وآله) : من صلّى علیَّ ولم یصلِّ على آلی لم یجد ریح الجنه، وانّ ریحها لتوجد من مسیره خمسمائه عام)
بستن *نام و نام خانوادگی * پست الکترونیک * متن پیام |