بِسْمِ اللّهِ الْرَّحْمنِ الْرَّحيم
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ بَلِّغْ بِإِيمَانِی أَکْمَلَ الْإِيمَانِ، وَ اجْعَلْ يَقِينِی أَفْضَلَ الْيَقِينِ، وَ انْتَهِ بِنِيَّتِی إِلَى أَحْسَنِ النِّيَّاتِ، وَ بِعَمَلِی إِلَى أَحْسَنِ الْأَعْمَالِ. اللَّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِکَ نِيَّتِی...
نصل الئ الفقرة الخامسة من دعاء مکارم الاخلاق (اللَّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِکَ نِيَّتِی) لقد أصبحت هذه الکلمة اي (وفّر) تعني في دعاء الامام زين العباد (عليه السلام) بمعني المتعدي لا اللازم و هو الطلب من الله تعالئ النية الکاملة و التامة
النية الکاملة، هي الحالة المقدسة للنقاء التي تأتي من رجل إلهي، وکلما کانت النية أکثر نقاءً، زادت فوائدها و کمالها.
علئ سبيل المثال:إذا صلئ المؤمن من أجل التقرّب ومن أجل الطاعة، ولکن دافعه الداخلي هو تحقيق الوعد الإلهي والوصول إلى الجنة التي کشفها الله في القرآن ووعدها للمؤمن، أو دافعه الداخلي إنقاذه من عذاب يوم القيامة، فإنّ عمله يتم من أجل طاعته لله،و تکون عبادته صحيحة في العقيدة الإلهية وان کان دافعه في الصلاة هو تحقيق الرحمة أو الحماية من عذاب الجحيم.
لکن النوايا ليست کاملة، لأنّ هذا الانسان المؤمن عزمه الحصول على الرحمة الالهية والخوف من عقابه.
يقول العلامة المجلسي في کتابه مرأة العقول الذي هو شرح لاصول الکافي في بحث النية:
لکل شخص في کل حالة نية تتبع تلک الحالة، و لنذکر بعض منازلها و درجاتها:
فالأولى: نية من تنبه و تفکر في شديد عذاب الله و أليم عقابه، فصار ذلک موجبا لحط الدنيا و لذاتها عن نظره، فهو يعمل کلما أراد من الأعمال الحسنة و يترک ما ينتهي عنه من الأعمال السيئة خوفا من عذابه.
الثانية: نية من غلب عليه الشوق إلى ما أعد الله للمحسنين في الجنة من نعيمها و حورها و قصورها فهو يعبد الله لتحصيل تلک الأمور.
الثالثة: نية من يعبد الله تعالى شُکراً له فإنه يتفکر في نعم الله التي لا تحصى عليه، فيحکم عقله بأن شکر المنعم واجب فيعبده لذلک، و قد قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَغْبَةً فَتِلْکَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ،
وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَهْبَةً فَتِلْکَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ شُکْراً فَتِلْکَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ.
الرابعة: نية من يعبده حياءاً فإنه يحکم عقله بحسن الحسنات و قبح السيئات و يتذکر أن الرب الجليل مطلع عليه في جميع أحواله فيعبده و يترک معاصيه لذلک و إليه يشير قول النبي (صلى الله عليه و آله و سلم): الإحسان أن تعبد الله کأنک تراه فإن لم تکن تراه فإنه يراک.
الخامسة: نية من عبد الله لکونه أهلاً للعبادة و هذه نية الصدّيقين کما قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ سَيِّدُ اَلْمُوَحِّدِينَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ: مَا عَبَدْتُکَ خَوْفاً مِنْ نَارِکَ وَ لاَ طَمَعاً فِي جَنَّتِکَ لَکِنْ وَجَدْتُکَ أَهْلاً لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُک، و لا تسمع هذه الدعوى من غيرهم، و إنما يقبل ممن يعلم منه أنه لو لم يکن لله جنة و لا نار بل لو کان على الفرض المحال يدخل العاصي الجنة و المطيع النار لاختار العبادة لکونه أهلا لها، کما أنهم في الدنيا اختاروا النار لذلک فجعلها الله عليهم بردا و سلاما، و عقوبة الأشرار فجعلها الله عندهم لذة و راحة و نعيما.
الإمامُ زينَ العابدينُ عليه السلام :إنّي أکرَهُ أن أعبُدَ اللّهَ و لا غَرَضَ لي إلاّ ثَوابُهُ، فأکونَ کالعَبدِ الطَّمِعِ المُطَمَّعِ؛ إن طَمِعَ عَمِل و إلاّ لَم يَعمَلْ، و أکرَهُ أن (لا) أعبُدَهُ إلاّ لِخَوفِ عِقابِهِ، فأکونَ کالعَبدِ السُّوءِ؛ إن لَم يَخَفْ لَم يَعمَلْ. قيلَ : فِلمَ تَعبُدُهُ ؟ قالَ : لِما هُو أهلُهُ بِأيادِيهِ علَيَّ و إنعامِهِ.
السادسة: نية من عبد الله حباً له، و درجة المحبة أعلى درجات المقربين، و المحب يختار رضا محبوبة و لا ينظر إلى ثواب و لا يحذر من عقاب، و حبه تعالى إذا استولى على القلب يطهره عن حب ما سواه، و لا يختار في شيء من الأمور إلا رضا مولاه، کما عن الصادق (عليه السلام) إنّ النّاسَ يَعبُدونَ اللّه َ عَزَّ و جلَّ على ثَلاثةِ أوجُهٍ : فطَبَقةٌ يَعبُدونَهُ رَغبَةً فِي ثَوابِهِ فتِلکَ عِبادَةُ الحُرَصاءِ و هُو الطَّمَعُ، و آخَرونَ يَعبُدونَهُ فَرَقا مِنَ النّارِ فتِلکَ عِبادَةُ العَبيدِ و هِيَ الرَّهبَةُ، و لکنّي أعبُدُهُ حُبّا لَهُ عَزَّ و جلَّ فتِلکَ عِبادَةُ الکِرامِ وَ هُو الأمنُ؛ لِقَولِهِ عَزَّ و جلَّ : «و هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئذٍ آمِنونَ». و لِقَولِه عَزَّ و جلَّ : «قُلْ إِنْ کُنْتُم تُحِبُّونَ اللّه َ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْکُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ». فمَن أحَبَّ اللّه َ أحَبَّهُ اللّه ُ عَزَّ و جلَّ، وَ مَن أحَبَّهُ اللّه ُ عَزَّ و جلَّ کانَ مِنَ الآمِنينَ.
بستن *نام و نام خانوادگی * پست الکترونیک * متن پیام |