بسم الله الرحمن الرحیم
اللّهُمَّ وَما تَعَدَّيا عَلَيَّ فيِهِ مِنْ قَوْلٍ، أوْ أسْرَفا عَلَيَّ فِيهِ مِنْ فِعْلٍ، أوْ ضَيَّعاهُ لي مِنْ حَقٍّ؛ أوْ قَصَّرا بِي عَنْهُ مِنْ واجِبٍ فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَهُما وَجُدْتُ بِهِ عَلَيْهِما، وَرَغِبْتُ إليک في وَضْعِ تَبِعَتِهِ عَنْهُما؛ فَإِنِّي لا أتَّهِمُهُما عَلى نَفْسِي؛ وَلا أسْتَبْطِئُهُما في بِرِّي، وَلا أکْرَهُ ما تَوَلَّياهُ مِنْ أمْرِي
شرح الکلمات
(اللهم وما تعدّيا) أي: الأبوان (عليَّ فيه من قول) القول الذي تعديا في ذلک القول علي (أو أسرفا علي فيه من فعل) بأن فعلا بالنسبة إليّ فعلاً غير جائز، کما لو ضرباني فوق حقي (أو ضيعاه لي من حق) بأن کان حقي فلم يوصلاه إليّ إضاعة منهما له (أو قصّرا بي عنه من واجب) بأن وجب عليهما شيء تجاهي فقصّرا ولم يسوياه (فقد وهبته لهما وجدت به) من الجود (عليهما) حتى لا يکونا من جهتي مسؤولين (ورغبت إليک) أي: طلبت منک (في وضع تبعته) أي: العقاب التابع لذلک الإثم (عنهما فإني لا أتّهمهما على نفسي) بأنهما ضيّعا حقي وإنما قلت ما قلت (ولا أستبطئهما في بري) أي: لا أقول أنهما أبطئا في الإحسان إليّ (ولا أکره ما تولياه من أمري) أي: ما عملاه معي وفي شؤوني
لا يتخيل أن العقوق الذي هو تعرض الى عقاب الله وعذابه يکون من جهة الوالدين فحسب، وانما هو من الجهتين، يعني أنه کما يعق الوالدان ولدهما، کذلک الوالد يعق والديه اذا ظلماه وهو بر بهما، فان الله تبارک وتعالى عدل محض، فلم يجعل حقا لاحد على احد الا وجعل مثله للطرف الآخر، واليک الحديث المتضمن هذا المعنى.
عن على علیه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يَلْزَمُ اَلْوَالِدَيْنِ مِنَ اَلْعُقُوقِ لِوَلَدِهِمَا إِذَا کَانَ اَلْوَلَدُ صَالِحاً مَا يَلْزَمُ اَلْوَلَدَ لَهُمَا.
کما يجب على الأبناء طاعة آبائهم وبرهم والاحسان اليهم، کذلک يجدر بالآباء أن يسوسوا أبناءهم بالحکمة، ولطف المداراة، ولا يخرقوا بهم ويضطروهم الى العقوق والعصيان.
وقال صلى اللّه عليه وآله: " يَا عَلِيُّ لَعَنَ اَللَّهُ وَالِدَيْنِ حَمَلاَ وَلَدَهُمَا عَلَى عُقُوقِهِمَا ". يَا عَلِيُّ رَحِمَ اَللَّهُ وَالِدَيْنِ حَمَلاَ وَلَدَهُمَا عَلَى بِرِّهِمَا.
نعمة الأولاد: الأولاد الصلحاء هم زينة الحياة، وربيع البيت، وأقمار الأسرة، لذلک أثنى عليهم أهل البيت علیهم السلام
عن أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلْوَلَدَ اَلصَّالِحَ رَيْحَانَةٌ مِنْ رَيَاحِينِ اَلْجَنَّةِ.
عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: مِيرَاثُ اَللَّهِ مِنْ عَبْدِهِ اَلْمُؤْمِنِ وَلَدٌ صَالِحٌ يَسْتَغْفِرُ لَهُ.
وفضل الولد الصالح ونفعه لوالديه لا يقتصر على حياتهما فحسب، بل يسري حتى بعد وفاتهما وانقطاع أملهما من الحياة.
عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: لَيْسَ يَتْبَعُ اَلرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنَ اَلْأَجْرِ إِلاَّ ثَلاَثُ خِصَالٍ صَدَقَةٌ أَجْرَاهَا فِي حَيَاتِهِ فَهِيَ تَجْرِي بَعْدَ مَوْتِهِ وَ سُنَّةُ هُدًى سَنَّهَا فَهِيَ يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ.
عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَرَّ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِقَبْرٍ يُعَذَّبُ صَاحِبُهُ ثُمَّ مَرَّ بِهِ مِنْ قَابِلٍ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ يُعَذَّبُ فَقَالَ يَا رَبِّ مَرَرْتُ بِهَذَا اَلْقَبْرِ عَامَ أَوَّلَ وَ هُوَ يُعَذَّبُ وَ مَرَرْتُ بِهِ اَلْعَامَ وَ هُوَ لَيْسَ يُعَذَّبُ فَأَوْحَى اَللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ إِلَيْهِ يَا رُوحَ اَللَّهِ قَدْ أَدْرَکَ لَهُ وَلَدٌ صَالِحٌ فَأَصْلَحَ طَرِيقاً وَ آوَى يَتِيماً فَغَفَرْتُ لَهُ بِمَا عَمِلَ اِبْنُهُ.ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِيرَاثُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ عَبْدِهِ اَلْمُؤْمِنِ وَلَدٌ يَعْبُدُهُ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ تَلاَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ آيَةَ زَکَرِيَّا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ رَبِّ «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْکَ وَلِيًّا. `يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اِجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ».
ومن الواضح أن صلاح الأبناء واستقامتهم لا يتسنيان عفواً وجزافاً، وانما يستلزمان رعاية فائقة واهتماماً بالغاً في إعدادهم وتوجيههم وجهة الخير والصلاح. من أجل ذلک وجب على الآباء تأديب أولادهم وتنشئتهم على الاستقامة والصلاح، ليجدوا ما يأملون فيهم من قرة عين، وحسن هدى وسلوک.
بستن *نام و نام خانوادگی * پست الکترونیک * متن پیام |