بسم الله الرحمن الرحيم
اللّهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ، وَ بَلّغْ بِإِيمَانِي أَکْمَلَ الْإِيمَانِ، وَ اجْعَلْ يَقِينِي أَفْضَلَ الْيَقِينِ، وَ انْتَهِ بِنِيّتِي إِلَى أَحْسَنِ النّيّاتِ، وَ بِعَمَلِي إِلَى أَحْسَنِ الْأَعْمَالِ.اللّهُمّ وَفّرْ بِلُطْفِکَ نِيّتِي، وَ صَحّحْ بِمَا عِنْدَکَ يَقِينِي...
وصل بنا البحث الی المقطع الثانی التی نتعرف فيه على طائفة أخرى من صفات عباد الله الصالحين التي يهدينا إليها مولانا الإمام زين العابدين ((عليه السلام) )في دعائه الشريف المسمى بدعاء (مکارم الأخلاق)، لنتدبر معاً في مقطعه الثاني حيث يقول (عليه السلام) :
"اللهم وفر بلطفک نيتي وصحح بما عندک يقيني واستصلح بقدرتک ما فسد مني يا أرحم الراحمين".
تکلمنا في الاسبوع الماضي حول النية و اقسامها و قلنا أن من صفات عباد الله الصالحين هو اجتهادهم في أن تکون نياتهم (بلطف الله عزوجل) (موفرة)، وقلنا معنئ هذه الصفة التمام و الکمال،
فمعنى (وفر الشيء) في اللغة هو: أتمه وأکمله، فيکون معنى هذه الصفة أن نية العبد الصالح تکون تامة کاملة لا نقص فيها، أي لا يشوبها شرک ظاهر ولا شرک خفي، خالصة لله عزوجل، فعباد الله الصالحين هم الذين يخلصون لله في نياتهم، فيکون دافعهم لکل عمل هو التعبد لله وطاعته وطلب رضاه عزوجل، فلا يسمحوا لأي دافع آخر بأن يدخل في نيات أعمالهم.
من صفات أحباب الله عزوجل، هي التي نستلهمها من قول مولانا السجاد (عليه السلام): " وَ صَحّحْ بِمَا عِنْدَکَ يَقِينِي ".
عن رسولُ اللّه ِ (صلى الله عليه و آله ): ألاَ إنّ النّاسَ لَم يُؤتَوا في الدُّنيا شَيئا خَيرا مِن اليَقينِ و العافِيَةِ، فاسألُوهُما اللّه َ
فما هي هذه الصفة؟
للإجابة عن هذا السؤال نرجع الى حديث مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال:
(منْ صِحَّةِ يَقِينِ المَرْءِ المُسْلِمِ أنْ لا يُرْضِيَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللهِ وَلا يَلْومَهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِهِ اللهُ) وکذلک قوله (عليه السلام):" حَدُّ اَلْيَقِينِ قَالَ أَلاَّ تَخَافَ مَعَ اَللَّهِ شَيْئاً ".
ومن التدبر في هذين الحديثين الشريفين، نفهم أنّ من سيماء عباد الله الصالحين صحّةَ يقينِهم التي تظهر في سلوکهم بقوةِ الثقة بالله عزوجل وکونه مالک الأسباب جميعاً وبيده الأمر کله، فلا يخاف العبد الصالح شيئاً سواه عزوجل ولا يُقدّم رضا أحدٍ على رضاه جلّ جلاله.
المثل الأعلى لليقين بالله ورسوله..
امير المؤمنين علي (عليه السلام) فارس الإسلام والرجل الفدائي الأول هذا الرجل العظيم يُخبره رسول الله (صلى الله عليه و اله)، فيقول له: عزمتُ أن أخرج إلى يثرب، وقريش قد أجمعت على تصفيتي وقتلي، فأريد أن أُموِّه عليهم، فهل تبيتُ على فراشي؟ -اسمعوا سؤال عليٍّ (عليه السلام) عماذا کان- قال (عليه السلام): وإذا بتُّ على فراشک تسلم؟ -لاحظوا، لم يسأل عن سلامة نفسه حين يبيت على فراش النبي (صلى الله عليه و اله) بل سأل عن سلامة نفس النبي (صلى الله عليه و اله) فقال النبي (صلى الله عليه و اله): بلى. فسجد عليٌّ (عليه السلام) شکراً لله). لا وجود للتلکأ أو التردد، ولا مکان للريب في قلب عليّ (عليه السلام) فبات على الفراش، ونام وغطَّ مطمئناً! رجلٌ يشعر بأنَّ صناديد قريش محيطين بالبيت؛ ينتظرون الفرصة ليقتحموا الدار، وسيضربونه ضربة رجلٍ واحد بعشرة سيوف، أو أکثر؛ حتى يختلط دم رسول الله(صلى الله عليه و اله) ويضيع بين القبائل.. هذا کان تخطيطهم وعليٌّ (عليه السلام) يعلم بکيدهم، ومع ذلک وبکلِّ اطمئنانٍ، وهدوءِ بال، وقرة عين، واستقرارِ قلب، ينام عليٌّ (عليه السلام) على الفراش، ويغطي نفسه بالغطاء، ويغطُّ في النوم، وکأن شيئا لن يقع! ولعمري أيُّ شيء يخشى علي(عليه السلام) ؟! يخشى من الموت؟! وهو الذي يقول: "أيُّ يوميَّ من الموت أفرّ؟ يومٌ لاقُدِّر، أو يومٌ قُدِّر؟! يومٌ لا قُدِّر لا أرهبه، ومن المُقدور لا يُنجي الحذر".
اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُکَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْکَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِجْعَلِ اَلنُّورَ فِي بَصَرِي وَ اَلْبَصِيرَةَ فِي دِينِي وَ اَلْيَقِينَ فِي قَلْبِي وَ اَلْإِخْلاَصَ فِي عَمَلِي وَ اَلسَّلاَمَةَ فِي نَفْسِي وَ اَلسَّعَةَ فِي رِزْقِي وَ اَلشُّکْرَ لَکَ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي.
بستن *نام و نام خانوادگی * پست الکترونیک * متن پیام |