بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: ماهو المقیاس لمعرفة المؤمن :
الفقرة الثانية: أَدَاءُ اَلْأَمَانَةِ(القسم الثاني)
عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ:
•أَرْبَعٌ مَنْ کُنَّ فِيهِ کَمَلَ إِيمَانُهُ وَ إِنْ کَانَ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ ذُنُوباً لَمْ يَنْقُصْهُ ذَلِکَ قَالَ وَ هُوَ اَلصِّدْقُ وَ أَدَاءُ اَلْأَمَانَةِ وَ اَلْحَيَاءُ وَ حُسْنُ اَلْخُلُقِ الکافي، الجزء۲، الصفحة۹۹
عباد الله اوصیکم و نفسی بتقوی الله (يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقوا اللّه وَ کُونُوا مَعَ الصّادقين) 119 التوبة
کان کلامنا و بحثنا تبيين المقياس لمعرفة المؤمن في اطار حديث الامام الصادق عليه السلام و ذکرنا في الفقرة الثانية من الاسبوع الماضي،حول الأمانة مختصراً،امّا بحثنا في هذا اليوم حول أنواع الأمانة و أثارها.
قبل الخوض في الموضوع نذکر تيمناً رواية عن مولانا و سيدنا الإمام أميرألمؤمنين عليه السلام أنه قال: مَنْ صَحَّتْ دِيَانَتُهُ قَوِيَتْ أَمَانَتُه. غرر الحکم و درر الکلم، ج 1، ص 112.
أنواع الأمانة
عندما نتحدّث عن الأمانة، فإنّ أغلب الناس يتبادر إلى أذهانهم الأمانة في الأُمور الماليّة فقط، مع أنّها طبعاً من أبرز مصاديق الأمانة، کما هو مفهوم من قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُکُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ﴾
لکن للأمانة مفهوماً واسعاً جدّاً، بحيث تستوعب جميع المواهب الإلهيّة والنعم الربانيّة على الإنسان.
ففي آلاية 8 من سورة "المؤمنون"، والتي تأتي بعد بيان أوصاف المؤمنين الحقيقيين وضمن تبشيرهم بالفلاح والنجاة في الآخرة، وبعد بيان أهميّة الصلاة والابتعاد عن اللغو وأداء الزکاة واجتناب أي لون من ألوان الانحراف الجنسي، في النهاية يشير القرآن الکريم إلى مسألة حفظ الأمانة والالتزام بالعهد، فيقول: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾
وفيما يلي نذکر بعض أنواع الأمانة، بالإضافة إلى الأمانة المالية، وهي:
1 -التکاليف الشرعيّة: مِن مصاديق الأمانة. التکاليف والأحکام الشرعية، من الصلاة والحج والزکاة وغيرها، فکلها ودائع وأمانات إلهيّة لذا کان الإمام علي عليه السلام عندما يحين وقت الصلاة يتغير حاله، وعندما سُئِل عن ذلک، قال: "جَـاءَ وَقتُ الصَّلاةِ، وَقتُ أَمـانَة عَرضَهـا اللهُ عَلَى السَّمواتِ وَالأَرضِ فأَبَينَ أنْ يَحمِلنَها وأَشفَقنَ مِنهـا".
فالصلاة احدى مصاىق الامانة
2- ولاية أهل البيت عليهم السلام :امّا المِصداق الثّاني للأمانة هي الوَلايةُ
کما عن الإمام الرضا -عليه السلام- :«الْأَمَانَة الْوَلَایَة مَنِ ادَّعَاهَا بِغَیرِ حَقٍّ کَفَرَ»
فعن الامام الصّادق -عليه السلام-: في بيان مصداق هذه آلاية[إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ کانَ ظَلُوماً جَهُولًا ]قال:(الْأَمَانَةُ الْوَلَایَةُ وَ الْإِنْسَانُ أَبُوالشُّرُورِ الْمُنَافِقُ). بحار الأنوار، ج۲۳، ص۲۷۹
في البصائر عن الامام الباقر(عليه السّلام) : « الأمانة هي الوَلاية أبينَ أن يحملنها کفراً بها وعناداً، وحملها الإنسان، والإنسان الذي حملها أبو فلان ». بحار الأنوار، ج۲۳، ص۲۸۱
يعني إنّ الوَلاية عُرضت على السماوات والأرض فأبينَ أن يحملنها کذباً وزوراً بأن يدّعين الوَلاية، ولا يؤمنّ بها باطناً، ولاينافي إنهنّ حملن الوَلاية على نحو التسليم والانقياد ،ولکنْ أبو فلان حملها ظاهراً، وکفر بها باطناً،لجهله وعناده وتکبّره
لذلک من ابرز مصاديق الأمانة هي ولاية أمير المؤمنين عليه السلام کما عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام : في قول الله عز و جل :[ إنا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان إنه کان ظلوما جهولا ]الأحزاب 72-73، قال : هي ولاية أمير المؤمنين عليه السلام. أصول الکافي 1/ 413، ح 2:
3- أعمال الإنسان: ومن أنواع ومصاديق الأمانة أيضاً عمل الإنسان، اى: العمل و المحنة،کما روي عن الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام حيث قال في کتابه إلی أشعث بن قيس عامل أذربيجان: "وإنَّ عَمَلَکَ لَيسَ لَکَ بِطُعمَة، وَلَکِنَّهُ فِي عُنُقِکَ أَمـانَة".
4- کتمان السرّ: وهو يعتبر من أعظم مصاديق حفظ الأمانة، ففي الحديث عنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: "« الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَدِّثَ بِحَدِيثٍ يَکْتُمُهُ صَاحِبُهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، إِلاَّ أَنْ يَکُونَ فِقْهاً أَوْ ذِکْراً لَهُ بِخَيْرٍ » " ـ
الکافي، جلد۲، صفحه۶۶۰
لأنّ في المجالس قد تُذکر أسرار تخصّ المجلس.
وورد في الحديث النبوي أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأبي ذر (رضي الله عنه): "يـا أبـا ذر، المَجـالِس بِالأمـانَةِ، وإفشَـاءِ سرّ أَخِيکَ خِيـانَة". بحارالأنوار، ج 74، ص 91
لذا روي عن امير المؤمنين عليه السلام : کُنْ بِأسْرارِکَ بَخيلاً، وَلا تُذِعْ سِرّاً أُودِعْتَهُ، فَإنَّ الإذاعَةَ خِيانَةٌ / [غرر الحکم :. ٧١٧٥.]
و کذلک قال عليه السلام: لا تُوْدِعَنَّ سِرَّکَ مَنْ لا أمانَةَ لَهُ غرر الحکم ١٠١٦٦.
لذلک اذا اردنا أن نتخذ خليلاً فعلينا بالصديق الأمين کما عنه صلى الله عليه و آله: اذا رَأَیتَ مِن اَخیکَ ثَلاثَ خِصالٍ فَارْجُه: الحیاءُ وَ الأَمانَةُ وَالصِّدقُ و اذا لَم تَرَها فَلا تَرجُهْ.
بستن *نام و نام خانوادگی * پست الکترونیک * متن پیام |