بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: مايسلب التوفيق عند الإنسان
شرح دعاء الامام صاحب العصر و الزمان عجل الله تعالی فرجه الشریف
«اَللّهُمَّ ارْزُقْنا تَوْفیقَ الطّاعَةِ وَبُعْدَ الْمَعْصِیَةِ وَصِدْقَ النِّیَّةِ وَعِرْفانَ الْحُرْمَةِ وَاَکْرِمْنا بِالْهُدى وَالاِسْتِقامَةِ
اللهم ارزقنا توفیق الطاعه
کان کلامنا فی الاسابیع الماضیة حول الفقرة الاولی و هو ماهو التوفیق و ماالاسباب التی توجب التوفیقاما الان نصل الی الاسباب التی توجب سلب التوفیق من الانسان مايسلب التوفيق عند الإنسانمناشئ الخذلان وسلب التوفيق: بعض الأحيان يسلب المؤمن التوفيق -لا أقل في بعض شؤونه-، يُسلب التوفيق فلا يستشعر اللذة في دعائه ومناجاته، يُسلب التوفيق فيرتکب معصيةً ما،
ويسلب التوفيق فلا يأتي بطاعةٍ من الطاعات، ويسلب التوفيق فيُحرم من رزقه، ويسلب التوفيق فيُصاب بغمٍّ وهمّ، أمور کثيرة تنشأ نتيجةَ سلب التوفيق. ونحن نرکز على سلب التوفيق المرتبط بالهِداية المرتبط بالطاعة، المرتبط بالعبادة، وهو الذي رکّز عليه أهل البيت عليهم السلام، وإلا فشؤونات الحياة قد تکفَّل الله -عز وجل- بتدبيرها لکلِّ الناس، ولکن هناک أمور ترتبط بالمؤمن فقط.
الإمام الحجة -عليه السلام- يقول في دعائه: (اللهم ارزقنا توفيق الطاعة)
الطاعة لا تحصل دون توفيق، وقد يحصل رکوعٌ وسجودٌ ولقلقة لسان، ولکنها ليست الطاعة التامة. الطاعة التامة تحتاج إلى التوفيق، بل حتى الطاعة الظاهرية تحتاج إلى توفيق، (اللهم ارزقنا توفيق الطاعة وبعد المعصية).
الابتعاد عن المعصية يحتاج إلى توفيق، والطاعة أيضاً تحتاج إلى توفيق من الله عز -اسمه وتقدس-.
ثمَّة أمور تُساهم في سلب التوفيق، وهذا ما نريد أن نشير إليه في نهاية حديثنا.
أولاً: اقتحام الشُّبهات
هناک مجموعة من الأمور، أهمها هو: اقتحام الشُّبهات، فضلا عن المحرَّمات. الإنسان الذي يداوم على مُواقعة الشُّبهة، فيأکل ما هو مشتبه، ويدخل فيما فيه شُبهة، ويقول عن غير معرفة، ويقف موقفاً دون وضوح، يشرب ما لا يعلم حلِّيته، ويأکل ما لا يعلم إباحته...، هذا الذي يقع في الشبهات، هذا يُسلب التوفيق إلى ترک المحرمات، بل يقع في المحرمات، (من حام حول الحمى کاد أن يقع فيه). ومن ترک الشُّبهات نجى من المحرمات، أما من ارتکب الشبهات، وقع في المحرمات. لذلک لا بد أن يعصم الإنسان نفسه ما استطاع عن الوقوع في الشبهات؛ حتى لا يقع في المحرمات، ويُحرم من الطاعات.
ثانياً: الخلود للدنيا
ومن المناشيء التي ينشأ عنها الخذلان، هو الخلود للدنيا. الإنسان تکون علاقته علاقة حب، علاقة حرص على الدنيا وزخارفها، وزينتها، ومتعها، وشهواتها. هذا الحب يُعمي ويُصمّ، من أحبَّ شيئاً أعشى بصره، وأمات قلبه. فالإنسان إذا أحب الدنيا حبّاً شديداً، وأحبَّ المال حُباً جمّاً، هذا الإنسان يبدأ بالغفلة عن الکثير من الأمور، حتى يعصي الله معصيةً فيغضب الله عليه، فيترکه وشأنه، يعني يُصاب بالخذلان، فإذا ترکه وشأنه، بدأ هذا الإنسان بالنزول التدريجيّ.
ثالثاً: المعصية
المعصية والذنب هي من الأمور التي ينشأ عنها الخذلان الإلهي، وإذا حصل الخذلان تدرَّج الإنسان في الوقوع في المعاصي، وفي الدَّرکات، حتى يهوي إلى أدنى وأسفل درک من الضلال، فلذلک تسوء خاتمته -والعياذ بالله-.
«جَاءَ رَجُلٌ اِلَی اَمِیر المو مِنِین (علیه السلام)، فَقَالَ یَا اَمِیرَ المومِنِینَ! اِنِّی قَد حُرِمتُ الصَّلَاةَ بِاللَّیلِ ... فَقَالَ لَهُ اَمِیرَالمومِنِین: اَنتَ رَجُلٌ قَیَّدَتکَ ذُنُوبُکَ.»
رابعاً: التقاعس عن قضاء حاجة المؤمن
هناک أمر أخير، هو الترفع عن قضاء حوائج المؤمنين -رغم القدرة-، وکثيراً ما حذرت الروايات من ذلک، أيها الأخوة المؤمنون. ففي الرواية: (من جاءه مؤمنٌ في حاجةٍ، وکان قادراً على قضائها، فلم يقضها له، خذله الله عز وجل)، أنت خذلت هذا المؤمن، فالله يخذلک. وخذلان الله ليس معناه أن يُنزل عليک العذاب، بل معناه أنّ الله تعالى يسلب عنک التوفيق، وإذا سُلب عنک التوفيق، بدأت في العدِّ التنازليّ، حتى تکون في أدنى درجات الضلال-المستجار بالله-.
عوامل آخری فی دعاء الامام زین العابدین علیه السلام:
«الهی! إنّی کُلَّمَا قُلتُ قَدْ تَهَیَّأتُ وَ تَعَبَّأتُ وَ قُمْتُ لِلْصَّلوهِ بِینَ یَدَیکَ وَ ناجَیتُکَ ألقَیتُ عَلَیَّ نُعاساً اِذا اَنَاصَلَّیْتُ وَسَلَبْتَنى مُناجاتَکَ اِذا اَنَا ناجَیْتُ مالى کُلَّما قُلْتُ قَدْ صَلُحَتْ سَریرَتى وَقَرُبَ مِنْ مَجالِسِ التَّوّابینَ مَجْلِسى عَرَضَتْ لى بَلِیَّهٌ اَزالَتْ قَدَمى وَحالَتْ بَیْنى وَبَیْنَ خِدْمَتِکَ»
« سَيِّدِي لَعَلَّکَ عَنْ بابِکَ طَرَدْتَني وَعَنْ خِدْمَتِکَ نَحَّيْتَني وَ لَعَلَّکَ رَأَيْتَني مُسْتَخِفّاً بِحَقِّکَ فَأَقْصَيْتَني أَوْ لَعَلَّکَ رَأَيْتَني مُعْرِضاً عَنْکَ فَقَلَيْتَني أَوْ لَعَلَّکَ وَجَدْتَني في مَقَامِ الْکَاذِبِينَ فَرَفَضْتَني أَوْ لَعَلَّکَ رَأَيْتَنِي غَيْرَ شَاکِرٍ لِنَعْمَائِکَ فَحَرَمْتَنِي أَوْ لَعَلَّکَ فَقَدْتَنِي مِنْ مَجَالِسِ الْعُلَمَاءِ فَخَذَلَتْنِي أَوْ لَعَلَّکَ رَأَيْتَنِي فِي الْغَافِلِينَ فَمِنْ رَحْمَتِکَ آيَسْتَني أَوْ لَعَلَّکَ رَأَيْتَنِي آلِفَ مَجَالِسِ الْبَطَّالِينَ فَبَيْنِي وَبَيْنَهُمْ خَلَّيْتَنِي ...»