بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعداهم ،ومخالفيهم، ومعانديهم، وظالميهم، ومنکري فضائلهم ومناقبهم ،ومدّعي مقامهم ومراتبهم ،من الأولين والأخرين أجمعين إلى يوم الدين. ومن خطبة لرسول الله (صلی الله علیه و آله)المسماة بالخطبة الشعبانیة انه قال:(الشطر الثانی) أیُّهَا النّاسُ، مَن حَسَّنَ مِنکُم فی هذَا الشَّهرِ خُلُقَهُ کانَ لَهُ جَوازا عَلَى الصِّراطِ یَومَ تَزِلُّ فیهِ الأَقدامُ ،ومَن خَفَّفَ فی هذَا الشَّهرِ عَمّا مَلَکَت یَمینُهُ خَفَّفَ اللّه ُ عَنهُ حِسابَهُ، ومَن کَفَّ فیهِ شَرَّهُ کَفَّ اللّه ُ فیهِ غَضَبَهُ یَومَ یَلقاهُ ،ومَن أکرَمَ فیهِ یَتیما أکرَمَهُ اللّه ُ یَومَ یَلقاهُ، ومَن وَصَلَ فیهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللّه ُ بِرَحمَتِهِ یَومَ یَلقاهُ، ومَن قَطَعَ رَحِمَهُ قَطَعَ اللّه ُ عَنهُ رَحمَتَهُ یَومَ یَلقاهُ، ومَن تَطَوَّعَ فیهِ بِصَلاةٍ کُتِبَ لَهُ بَراءَةٌ مِنَ النّارِ، ومَن أدّى فیهِ فَرضا کانَ لَهُ ثَوابُ مَن أدّى سَبعینَ فَریضَةً فیما سِواهُ مِنَ الشُّهورِ ،ومَن أکثَرَ فیهِ مِنَ الصَّلاةِ عَلَیَّ ثَقَّلَ اللّه ُ میزانَهُ یَومَ تَخَفَّفُ المَوازینُ، ومَن تَلا فیهِ آیَةً مِنَ القُرآنِ کانَ لَهُ مِثلُ أجرِ مَن خَتَمَ القُرآنَ فی غَیرِهِ مِنَ الشُّهورِ. أیُّهَا النّاسُ، إنَّ أبوابَ الجِنانِ فی هذَا الشَّهرِ مُفَتَّحَةٌ، فَاسأَلوا رَبَّکُم ألاّ یُغلِقَها عَلَیکُم، وأبوابَ النّیرانِ مُغَلَّقَةٌ فَاسأَلوا رَبَّکُم ألاّ یَفتَحَها عَلَیکُم ،وَالشَّیاطینَ مَغلولَةٌ فَاسأَلوا رَبَّکُم ألاّ یُسَلِّطَها عَلَیکُم». نتابع موضوعنا فی الاسابیع الماضیة و هو شرح دعاء الامام الحجة (عج) و نصل الی هذه «و علی موتاهم بالرافة و الرحمة»الامام یدعو للمیت بالرافة و الرحمة لاباس ان نقف حول المیت وما الذی یحتاج المیت و ماوظیفتنا اتجاه المیت فی روایات اهل البیت (علیهم السلام) آداب تشییع المیت يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه، ويستحب لهم تشييعه، وقد ورد في فضله أخبار کثيرة، ففي بعضها: وفي بعضها: أن أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع جنازته. أن يکون المشيع ماشياً خلف الجنازة، خاشعاً متفکراً، حاملاً للجنازة على الکتف، قائلاً حين الحمل: بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات. ويکره الضحک واللعب، واللهو والإسراع في المشي. قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: من شیّع جنازه مؤمن حتی یدفن فی قبره وکّل اللّه تعالی به سبعین ألف ملک من المشیّعین یشیّعونه، و یستغفرون له إذا خرج من قبره إلی الموقف. آثار الميت في حياته ورد عن النبي الأکرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". فالعلم کالکتاب الذي يترکه ينتفع به الآخرون. والصدقة الجارية کالمسجد يساهم في بنائه. أما الولد الصالح فهو کذلک الولد الذي غيّر مصير والده في عالم البرزخ، کما ورد في قصة نبي الله عيسى عليه السلام الذي مرًّ بقبر يعذب صاحبه، ثم مرَّ به من قابل فإذا ليس يعذب فقال: "يا رب مررت بهذا القبر عام الأول فکان صاحبه يعذب، ثم مررت به العام فإذا هو ليس يعذب، فأوحى الله إليه: يا روح الله، أدرک له ولد صالح فأصلح طريقاً، وآوى يتيماً، ً فغفرت له بما فعله ابنه". وقد ورد في الأحاديث أن الولد العاقّ بوالديه يمکن أن يتحول إلى بارٍّ بهما من خلال الأعمال التي يقوم بها لأجلهما بعد موتهما فعن الإمام الصادق عليه السلام: "يکون الرجل عاقاً لوالديه في حياتهما، فيصوم عنهما بعد موتهما، ويصلي عنهما، ويقضي عنهما الدين، فلا يزال کذلک حتى يکتب باراً بهما، وإنه ليکون باراً بهما في حياتهما، فإذا ماتا لا يقضي دينهما، ولا يبرّهما بوجهٍ من وجوه البر، فلا يزال کذلک حتى يکتب عاقاً". عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام ) : ما يلحق الرجل بعد موته ؟ فقال : سنة سنها، يعمل بها بعد موته فيکون له مثل أجر من يعمل بها، من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، والصدقة الجارية تجري من بعده، والولد الطيب يدعو لوالديه بعد موتهما، ويحج ويتصدق ويعتق عنهما، ويصلي ويصوم عنهما، فقلت : أشرکهما في حجتي ؟ قال : نعم.
هدايا المؤمنين للميت من رحمة الله تعالى للميت أنه فتح له رافداً من خلال الأعمال التي يهديها له أهل الإيمان، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأصحابه: "أهدوا لموتاکم. فسألوا يا رسول الله، وما هدية الأموات؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم الصدقة والدعاء، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن أرواح المؤمنين تأتي کل جمعة إلى السماء الدنيا بحذاء دورهم وبيوتهم، ينادي کل واحد منهم بصوت حزين: يا أهلي، ويا ولدي، ويا أبي، ويا أمي، وأقربائي، أعطفوا علينا يرحمکم الله بالذي کان في أيدينا، والويل والحساب علينا، والمنفعة لغيرنا، وينادي کل واحد منهم إلى أقربائه: اعطفوا علينا بدرهم، برغيف، أو بکسوة، يکسکم الله من لباس الجنة". ثم بکى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبکى أصحابه، فلم يستطع أن يتکلم من کثرة بکائه، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: "أولئک إخوانکم في الدين فصاروا تراباً رميماً بعد السرور والنعيم، فينادون بالويل والثبور على أنفسهم، يقولون: يا ويلنا، لو أنفقنا ما في أيدينا في طاعة الله ورضائه، ما کنا نحتاج إليکم، فيرجعون بحسرة وندامة وينادون: أسرعوا صدقة الأموات". وعن "لب اللباب" للرواندي: إن الموتى يأتون في کل جمعة من شهر رمضان فيقفون وينادي کل واحد منهم بصوت حزين باکياً: "يا أهلاه، ويا ولداه، ويا قرابتاه، إعطفوا علينا بشيء يرحمکم الله، واذکرونا ولا تنسونا بالدعاء، وارحموا علينا، وعلى غربتنا، فإنا قد بقينا في سجن ضيق، وغمٍّ طويل وشدة، فارحمونا، ولا تبخلوا بالدعاء والصدقة لنا، لعل الله يرحمنا قبل أن تکونوا مثلنا، فواحسرتاه قد کنا قادرين مثل ما أنتم قادرون، فيا عباد الله، اسمعوا کلامنا ولا تنسونا، فإنکم ستعلمون غداً فإن الفضول التي في أيديکم کانت في أيدينا، فکنا لا ننفق في طاعة الله، ومنعنا عن الحق، فصار وبالاً علينا، ومنفعة لغيرنا، فاعطفوا علينا بدرهم أو رغيف أو بکسوة، ثم ينادون: "ما أسرع ما تبکون على أنفسکم، ولا ينفعکم کما نحن نبکي، ولا ينفعنا فاجتهدوا قبل أن تکونوا مثلنا". ثمار هدايا المؤمنين للميت روي عن الإمام الصادق عليه السلام أن أحدهم سأله: يصلَّى عن الميت؟ فقال، نعم حتى أنه ليکون في ضيق فيوسع الله عليه ذلک الضيق، ثم يؤتى فيقال له: خفف عنک هذا الضيق بصلاة فلان أخيک عنک، ثم سأله: فأشرکُ بين رجلين في رکعتين؟ فقال عليه السلام، نعم، ثم قال: "إن الميت ليفرح بالترحم عليه، والاستغفار له کما يفرح الحي بالهدية تهدى إليه. وفي الحديث النبوي الشريف: "إذا تصدق الرجل بنية الميت أمر الله جبرئيل أن يحمل إلى قبره سبعين ألف ملک، في يد کل ملک طبق فيحملون إلى قبره ويقول: السلام عليک يا ولي الله، هذه هدية فلان بن فلان إليک، فيتلألأ قبره". عوائد الهدايا على الحيّ المُهدي إضافة إلى تلک البرکات والرحمات الربانية على الميت، فإن من يهدي الموتى بأعمال الخير يثيبه الله تعالى ويجزيه بأفضل جزاء. فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر والدعاء، ويکتب أجره للذي يفعله وللميت".